السبت، 19 مايو 2018

ليلة انكيدو الاولى في بلاط جلجامش

ليلة انكيدو الاولى في بلاط جلجامش


مراياي كانت تعكس روحي لا فقط بدني حين اطل عليها، صافيةٌ كبدن عذراء يكاد يكون لها بريق ولم تمسسه نار، مراياي لم تصقل بإيدي ماهرٍ تعوج لعجزة الانساني صورتي ان انا أطلت فيها نظري وتذكرني بخطيئتي الازلية الابدية، نقصي انا ان رايت أعوجاجي بها يا جلجامش، كل مراياكم سحرٌ كبابل تدعي الكمال والفرات يفضح نقصها حين يعبر ويبدل جلده أيةً، والفرات مرأتي وحكمتي والنخل حين ينعكس خلفي زينتي والشمس والنجوم قنديلي، فلما سلبتني بدائيتي وخدعتني بوهم المدينة؟

اسواري عظمتي وصورتي الكبرى ويدي الطويلة خلف القصر، ان الكمال وهمٌ في البراري يا انكيدو والوهم ان تبقى حبيس حريتك المشتهات وبلا نظامٍ بلا احد، حكمة المرآة يا انكيدو ان يكون لك قرين، ومن ثم تجد عظمتك فيني عينيه حين يذل بسلطانك، ان يكن الفرات مرآتك في البراري وانعكاس جمال روحك الحرة الطليقة، فإني في عيون الخائفين والخانعين تحت سلطاني أراني بإزار الالهة، ونار الاضطراب والخوف في صدورة محرقت قرابيني وبخور آلوهيتي، فلما يا انيكدو اقتربت لأسواري ودون الخضوع لسلطاني؟

اسواقك زيفٌ ونظامك فوضى، تعطيني اشجار البراري ثمرها وتتدلى اكثر كرما ان انا تركتها دون ذهب ودون مقابل، هل طلبتك شجرة التفاح يوما برتقالا او تمرا؟ ام هل طلب منك الفرات ديّن ما اعطى، انا ادم قبل الخطيئة لا أسال ولا أسئل، روحانيٌّ، احتقر الجسد، فلما اجمع لما هو ذهابٌ واراكم الحجارة البراقة لأصنع للسماوات سلما، والسماوات اعطتني جانحي روحانين اثقلهما هذا الجسد؟ ان الحليب الذي اسقتنياه نسائك من اثدائهن خطيئتي الكبرى، ومن قبل كان الحب عندي كما السماء للارض يتبادلان الكلام العذب بموسيقى المطر دون ان يتلامسن فتهوي الدنيا كما هويت انا من روحانيتي وبدائيتي النقية لوهم الجسد والمدينة، والمدينة جسد الخطيئة الخفية!.


براريك ضجرٌ وبدائيتك فناء، ما الانسان لولا السعي للكمالِ وما الكمالُ لولا الخلود؟، انظر لأورك وانظر لبابل واشور، استحقرت مبانيها الشاهقاتُ نخل العراق طولا وكسرت انوف الجبال، انظر لرماحها كيف اجفلت الاسود وجعلت الانسان سيدا على الغاب، اننا في نقصنا كمالٌ حين نسد هذا النقص، فبلغنا بعرباتنا اعناق الظباء الهاربة وبنينا غرفا في اسوارنا حتى حسدتنا اعشاش النسور وما عادت النسور بعد اسوارنا شاهقه، فنت مصر وذهب الفراعنة الاولون للعدم وبقيّ ما صنعوا خالدا، وأليس الرسم في الكهوف بالبراري لاسلافك وأسلافي سعيُّ للكمال وشهوة للخلود، فلما تقول انها صنيعة المدينة وخطيئتها الابدية؟


عبد العزيز عمر الرخيمي

الثلاثاء، 15 مايو 2018

زفرة إبن الفجاءة الاخيرة

زفرة إبن الفجاءة الاخيرة


أقول له وقد أطل أشعثاً ومقلتيه سهام وناظرية رماح واطول الرجال في الحرب سيفا وعزما, أقول له يا موت ويحك من الابطال ويلك فيّ لا تراعي, يا موت نفسي لا تشتهي غيرك ندا ولا تشتهي الا الموت هنا قتلا وتغبط الهالكين حولها قتلى, يا موت وجدت الناس في الارض يعيشون ذلا ان هم عمروا أمدا ويموتون بين الناس احياءا ويهملون حتى يأتيهم الموت على الفراش كما النخل الميت وقافا أو اشد ذلاً, يا موت وجدت الخوف منك ذلا اهاب السلاطين في قصورهم وتهتز لك بيوت من دونه هزا, حتى بدت لا أخشاك ثما رأيت الناس من عدم خشيتِ فيك صرت أُخشى.

يا موت ما الحياة أن كنا فريقين فيها, فريق يذلُ بالموت وفريق يسمونا الموت خوف أن يسام هو الموتا, أن سيف الحجاج قد قطع الناس فسطاطين, فمنهم يسام الهوان حتى لا يكاد يحيى ومنهم لا يحيى حتى يسيئ الناس هوانا وموتا!, فإن تكن قصور العز لا تبنى الا على الناس هوانا وظلما وبيوت الخانعين لا تقوم الا حين تتجرع الذل محيا, فأهلا بقبر لا ذل سلطانٍ فيه الا الله ولا تقوم قواعده بأبدان الناس وصرصرة أسنان الخانعين خوفاً.

يا أشعث الذكر وجدت من أرهقه ذكرك ميتاً وأن حيا وأبتغى الخلودا و وجدت من أرهقه بدنه على أن يلقاك خالدا بعد أن يلقاك وأن مات فردا لا سلطان له ولا قصور ولا عبيدا, فما الابدان بثوب عز ومنتهاها جيفة بل الغز في الروح حين تحطم بمديتك وفأسك فخار حبسها, فتتزين بالموت كما الفراش للديدان حين من جوفها تطير روحا. 


* هي خطبة خيالية لا وجود لها إلا في رأسي، فكاني بإبن الفجاءة  تقمصت والقيتها، أو كإن أبن الفجاءة حلل بي فإتحد، فاوحى لي للثوار اياتاً، والموت ينصت بهدوءه الساكن على ابدان المقتولين.

عبد العزيز عمر الرخيمي