تجليات فلسفية: تجريد الإنسانيته
يقول زهير بن ابي سلمى في معلقته بوصف الانسان: لسان المرء نصفه ونصف فؤاده فلم يبقى إلا صورة اللحم والدمِ!، جوهر الانسان حزمة أفكار في الفؤاد واللسان، فما يسكن الفؤاد ليس إلا افكار تم تبنيها وما يخرج من اللسان إلا ترجمة شخصية لها، الافكار هي ما تميزنا بعضنا عن بعض وليست صورنا، وربما ليس اروحنا إلا نسيج من فكر نحيكُها طوال حياتنا.
قد نجد إنسانين، يتشابهون بنفس صورة اللحم والدم كما يقول زهير، التوأمين مثلا، لكن ما يميز بعضهم عن بعض، حزمة الافكار التي يتبنينها، فيتميزان حتى للاعمى!، وما يميز الانسان بالنهاية، هي الحرية بتبني تلك الافكار صقلها، وأي محاولة لسلب هذه الحرية، محاولة لتجريد الانسان عن إنسانيته!، بل ايضا ما يميز الانسان عن غيره من الحيوانات، إنهُ كومة أفكار تتسجد ببدن، وما يميز عن باقي بني جنسه، هي انتقاءه لتلك الافكار وتنقيحة وتعديله لها، كما البستانيّ الماهر ينقي حسب ذوقة الورود لباقة من إبداعه.
وأي محاولة ايضا لفرض افكار عن مجموعة او امة معينه، استعباد من نوع اخر، وتجعلهم آلات يتم برمجتها، والآلات لا تبدع أو تتطور!، ربما هذا ما قصده سقراط حين قال: تكلم كي أراك، وربما هذا ما قصده أيضا زهير.
عبد العزيز عمر الرخيمي