الثلاثاء، 16 يناير 2018

مشاعر منثورة: حوارٌ مع الموت

(مشاعر منثوره)
حوارٌ مع الموت


أنا من لا حصون تقهر سلطانه
أنا مفتاح الابواب ومسقط الجدران
أنا من لا جسد له
وظلهُ يمتد على المدن المنكوبة
والعشاق المحطمين والثكالى
أنا لعنة اليتامى والارامل
و وجة الذئب الجائع هو ذا
أنا

يجيب:

أنت الموت
من كرهته قبل ثم أحببت
من سألت دوما عن حكمته
فأتني الدهر بنفسي الجواب
تسعين عاماً عُمرت ولم اتمنى لقاءة
الا الان
بعد ان امنت انه رحمتي 
ومن قبلُ
 اكره في المجالس ذكره
***
يا موت اقترب
إني متُ مراراً مذ ذهب كل من
احبهم
إني مت مراراً مذ ذهب كل من
عرفتهم
ووجدت نفسي
اموت مراراً مع جيل يلعن
دين اباءة ويراني الصنم الاخير
ويمقت كلامي إن تحدثتُ
ويبصق على افعالي بالنظر
***
ذهب كل الذين احبهم وبقيت
كشاهد قبرٍ يواجه رياح الدهر
على الاطلال.
امنت انك رحمتنا بعد ان نستيني!

يرد الموتُ:
تُركت لحين، كي تعرف حكمتي ولم تُنسى
يا ابن أدم
أنا من يكنس الارض منكم
فلولا فعلي لكتضت الارض بكم
وقمت بعملي
انا من يرتب فوضاكم انكم كتبُ
لا تطقيها مكتبة!
فحق عليها أن تحرق
حكمتي الابقى ولكن عجزت فهم
حكمتكم؟
تبكيني الاهرام في مصر التي لا
يسقطها برمحي
وجدران بابل وشعر الاقدمين
تقهرني نقوش الضعفاء بالكهوف
وانا الذي لا يقهر
وسيرة العشاق السابقين والفاتحين
تتسلل من سلطان مملكتي
وتنحني تحت سيفي
فما حكمتكم؟

يجيبُ:
يا موت إن الانسان حين يتوه عن الحكمة
يصنع اخرى
ضلننا عن طريق حكمتك صنعنا أخرى
وهماً للعزاء!
****
لكنها بقيت شاهدة علينا انك الأبقى
إن اهرام مصر وجدران بابل
وشعر الاقدمين وسير العاشقين
تشهدُ انك المكان واننا الزمان
كماء النيل يعبر الى موته في البحر
ومصر باقية!


عبد العزيز عمر الرخيمي